مساحة إعلانية 728×90

ad

يوسف بن تاشفين

اسمه ومولده ونشأته

هو أبو يعقوب يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن ترقوت بن وارتقطين بن منصور بن مصالة بن أمية الحميرى الصنهاجى اللمتونى، امه حرّة لمتونية اسمها فاطمة بنت سير بن يحيى، وقد ولد بالصحراء فى سنة 400 هـ 1009 م قيل فى اقليم موريتانيا وقيل فى المنطقة الواقعة على حدود موريتانيا الجزائر المغرب.

لا نعرف الكثير عن نشأته الاولى تذكره لنا الرواية لأول مرة في سنة 448 هـ، حينما ندبه الأمير أبو بكر اللمتونى ليكون قائداً لجيش المرابطين الزاحف لغزو المغرب، وكان فى الثامنة والأربعين من عمره.

ومنذ ذلك التاريخ فقط تتبع الرواية أعمال يوسف بن تاشفين وفتوحاته العظيمة المتعاقبة.

أعماله وجهاده فى المغرب


بعد وفاة عبد الله بن ياسين وقيام أبى بكر اللمتونى مكانه فى الرياسة أوكل شئون المغرب لإبن عمه يوسف بن تاشفين، ونزل له عن زوجته الحسناء زينب بنت إسحاق النفزاوية بعد ان طلقها حتى لا تشاطره خشونة الحياة الصحراوية فتزوجها يوسف.

اخترق يوسف بن تاشفين بلاد تادلا وسجلماسة ثم صار جنوبًا إلى الصحراء وهناك قام بإصلاح شئونها والقضاء على أسباب الخلاف بين أقوامها وتوحيد كلمتهم، ثم حشد قوات جديدة وسار فى جيش ضخم إلى بلاد السودان وغزا الكثير من نواحيه، ولم تمض بضعة أشهر حتى كان يوسف قد غلب على معظم نواحى المغرب الجنوبية والوسطى وعاد مظفرًا إلى أغمات فى أواخر سنة 454 هـ وقد عظم أمره واشتد بأسه وذاع صيته فى سائر أنحاء المغرب.

بناؤه مدينة مراكش


فكر يوسف ان يختط لنفسه محلة تكون قاعدة لجيوشه ومستودعًا لذخائره، ووقع اختياره فى ذلك على أرض تقع شمال غربى مدينة أغمات، وكانت لبعض المصامدة، فإشتراها يوسف واختط بها قصبة ومسجدًا وكان يعمل فى بناء المسجد بنفسه مع الفعلة، فكان ذلك مولد مدينة مَرَّاكُش الشهيرة سنة 454 هـ 1062 م وكان هذا الإسم يطلق على هذا المكان ومعناه بلغة المصامدة “إمش مسرعًا” اذ كان مأوى اللصوص وقطاع الطرق.

على ان مراكش لم يكمل بناؤها وتتسع رقعتها ويقام سورها العظيم إلا فى عهد على بن تاشفين ولد يوسف وذلك سنة 526 هـ

وما كاد يوسف ينتهى من إنشاء حاضرته وتنظيم جيشه حتى تأهب لفتح مدينة فاس عاصمة المغرب القديمة وأعظم مدائنه يومئذ

أبا بكر اللمتونى ويوسف بن تاشفين

بعدما نظم أبا بكر اللمتونى شئون الصحراء وقضى فى غزواته بضعه أعوام، نمى إليه ما وفّق إليه ابن عمه يوسف من الفتوح العظيمة ومن ضخامة السلطان وإستقراره فقرر ان يعود إلى المغرب، ربما جال بخاطره ان يعزل يوسف وان يسترد سلطانه بإعتباره أمير المرابطين الشرعى، فإستقبله يوسف بالترحاب وأغدق عليه الهدايا والصلات وأدرك أبو بكر مبلغ ما انتهى إليه يوسف من السلطان وما يتمتع به من المحبة والنفوذ وانه لم يبق له أمل فى انتزاع مما فى يده، فأوصى يوسف بإتباع العدل والرفق ثم ودعه وعاد إلى الصحراء، وقد زوده يوسف بطائفة عظيمة من الهدايا الجليلة من المال والخيل والبغال والأسلحة المحلاة بالذهب والجوارى والثياب الفاخرة، ويذكر ابن خلدون ان من أشار على يوسف بن تاشفين بهذا هى زوجته زينب النفزاوية التى نصحته عندما يقابل ابا ابكر ان يشعره بقوة سلطانه وان يلاطفه بالهدايا.

يوسف بن تاشفين وزعامته للمرابطين وإستكمال الفتوحات

واستمرت فتوحات يوسف بن تاشفين فسيطر على وجدة وطنجة وسبته ثم تلمسان ووهران حتى وصل إلى تونس واتسع ملكه من تونس شرقًا إلى المحيط الأطلنطى غربًا ومن البحر المتوسط شمالًا إلى السودان جنوبًا

وهكذا قامت الدولة المرابطية الكبرى

صفاته وشخصيته ووصفه

يتحدث المؤرخون عن ورع يوسف بن تاشفين وزهده، وبساطته وتواضعه، فقد كان بالرغم مما اتاه الله من بسطة فى الملك آية فى التقشف يرتدى الصوف طول حياته ولايرتدى سواه قط، ولا يأكل سوى الشعير ولحوم الإبل و ألبانها، وكان بطلاً شجاعاً حازماً مهيباً، دائب التفقد لبلاده وثغوره واحوال رعيته، مجاهداً لا يفتر عن متابعة الجهاد، منصوراً فى معظم الوقائع التى خاضها، جوادًا كريمًا عادلًا رفيقًا، ينأى عن إرهاق رعيته بالمغارم المحرمة، ولا يفرض منها إلا مايجيزه الشرع.

اما عن وصفه فقد كان معتدل القامة أسمر اللون نحيف الجسم خفيف العارضين اكحل العينين اقنى الأنف جعد الشعر رقيق الصوت.

جهاده فى الأندلس


عقب إستيلاء ألفونسو السادس ملك قشتالة على طليطلة سنة 478 هـ 1085م وتهديده ملوك الطوائف بالويل والفناء، استصرخ أهل الأندلس إخوانهم فى المغرب، وطلبوا العون والنجدة من أمير المرابطين يوسف بن تاشفين، على ان فكرة الإستنصار بالمرابطين لم تكن دون معارضة فقد كان من بين ملوك الطوائف من يخشى العواقب وحذر ابن عبّاد الذى اجابهم بكلمته المشهورة “رعى الجمال خير من رعى الخنازير” التى قصد بها ان يصبح أسيرًا لدى أمير المسلمين أفضل من أن يصبح أسيرًا عند ألفونسو ملك قشتالة. وتذكر الروايات ان هناك الوفود الشعبية قدمت إلى الأمير يوسف بن تاشفين لمطالبته بإنقاذ الأندلس قبل هذا الإستدعاء الرسمى من ملوك الطوائف.

وأرسل ابن عباد صاحب إشبيلية وقرطبة والمتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس سفارتهما الرسمية إلى أمير المسلمين مع وفد ضم أبى بكر عبيد الله قاضى قرطبة وأبى إسحق بن مقانا قاضى بطليوس وأبى جعفر القليعة قاضى غرناطة وأبى بكر بن زيدون وزير المعتمد.

ووافق يوسف على عبور الأندلس بجنده والمحاربة مع ملوك الطوائف ضد العدو القشتالى على ان ينزل لهم ابن عباد عن الجزيرة الخضراء لإنزال جنده بها وارسل المعتمد الى ولده والى الجزيرة يزيد امرًا بإخلائها لتكون رهن تصرف أمير المسلمين.

معركة الزلّاقة وعبور يوسف بن تاشفين الأول للأندلس

معركة الزلّاقة


عبر جنود المرابطين إلى الأندلس وفى منتصف ربيع الأول سنة 479هـ الموافق 30 يونيه 1086م عبر القائد يوسف بن تاشفين فى بقيه قواته وما كادت السفن تعبر المضيق حتى اضطرب البحر وتعالت الأمواج فنهض الزعيم المرابطى وبسط يديه بالدعاء نحو السماء قائلًا: “اللهم إن كنت تعلم أن فى جوازنا هذا خيرة للمسلمين فسهّل علينا جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك فصعّبه حتى لا أجوزه”.وما كاد يتم كلامه حتى “هدأت الريح ووصلت السفن إلى الجزيرة بسلام وما ان وصل إلى أرض الأندلس خر ساجدًا لله شكرًا، ثم أخذ فى تحصين الجزيرة وإصلاح أسوارها وأبراجها، ثم صار إلى إشبيلية وخرج المعتمد لإستقباله وتعانقا وأبدى كل منهما لأخيه منتهى المودة والإخلاص وتضرعا إلى الله أن يجعل جهادهما خالصًا لوجهه.

وبدأ المسير إلى شمال بطليوس على حدود البرتغال حاليًا فى الموقع الذى تسميه الرواية العربية الزلّاقة (ويقال انها سميت الزلّاقة من كثرة الدماء التى كانت الخيول تنزلق فيها)

وكانت أنباء عبور المرابطين إلى شبه الجزيرة قد وصلت إلى ألفونسو السادس ملك قشتالة وهو محاصر لسرقسطة، فإنسحب على الفور، وطلب العون من ملك أراجون وأمراء ما وراء البرنيه وجليقية وأستوريس ونافار وتقاطر عليه سيل من الفرسان المتطوعة من جنوبى فرنسا وإيطاليا.

وأرسل يوسف بن تاشفين خطاب لألفونسو يخيره بين الدخول فى الإسلام أو الجزية أو الحرب فإستشاط ألفونسو غضبًا ورد على أمير المسلمين بكتاب غليظ يفيض بالوعيد، فإكتفى يوسف بن تاشفين برد مختصر بعبارة “الذى يكون ستراه”

واشتبك الجيشان يوم الجمعة 12 رجب سنة 479 هـ الموافق 23 أكتوبر سنة 1086م وبعد معركة طويلة انتصر المسلمون وفر ألفونسو فى خمسمائة أو اربعمائة فقط من جنوده معظمهم جرحى ومات أغلبهم فى الطريق حتى انه يقال ان كل من وصل طليطلة مع ألفونسو فقط مئة.

وقيل ان يوسف بن تاشفين اتخذ لقبه أمير المسلمين بعد نصر الزلّاقة وأن أمراء الأندلس عندما هنأوه بالنصر أسبغوا عليه هذا اللقب ولكن هناك مقولة أخرى وهى انه اتخذ هذا اللقب بالمغرب قبل أعوام.

وكان فى استطاعة المسلمين ان يلحقوا بألفونسو وان يحاولون استرداد طليطلة ولكن كان الأمير يوسف ابن تاشفين يريد ان ينتظر عودة المسلمين الفارين أولًا حتى لا يهلكهم النصارى بالإضافة إلى تلقيه فى ذلك اليوم نبأ وفاة ابنه وولى عهده الأمير أبى بكر فقرر العودة إلى المغرب، وعاد أولًا إلى إشبيلية واستراح ايامًا ثم عبر إلى المغرب وترك من جنده ثلاثة آلاف رهن تصرف المعتمد.

عبوره الثانى إلى الأندلس


بدأ الاضطراب فى الأندلس بعد رحيل يوسف بن تاشفين، وعادت مراسلات الأندلسيين تصل إليه طالبين منه العون خاصة من أهل بلنسية ومرسية ولورقة، وكان المعتمد صاحب السيادة على مرسية ولورقة وكان ألفونسو يريد الإنتقام منه لإستدعاءه المرابطين، واستطاع ألفونسو بسرعة مدهشة أن يحشد جيشًا جديدًا، وجاءت له الإمدادات من فرنسا وألمانيا، وجمع جيشه وعاث فى ولاية مرسية سلبًا ونهبًا وحرقًا، فسار المعتمد بنفسه إلى مراكش وقابل أمير المسلمين وبسط له ما يسود الأمراء المسلمين من عوامل التفرق وطلب منه أن يوكل إليه قيادة جيش المرابطين فى الأندلس، وتدبير شؤونها، وادرك يوسف خطورة الموقف فعبر فى ربيع أول سنة 481 هـ الموافق شهر يونيو سنة 1088 م إلى الجزيرة الخضراء ثم سار إلى مرسية وحاصر حصن ليط، ولكن قرر هو والمعتمد فك الحصار لعدم جدواه وبسبب قلّة أدوات الحصار وعاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب وترك حامية من المرابطين كما فعل بعد معركة الزلّاقة.

عبور يوسف بن تاشفين الثالث إلى الأندلس والقضاء على ملوك الطوائف

حاول بعض امراء الأندلس توطيد سلطانهم وان كان على حساب الإسلام ولم يتورع بعضهم فى التحالف سرّاً مع ألفونسو السادس آملا فى التمكن بمعاونته فى طرد المرابطين الذين استدعوهم بأنفسهم من قبل، وعندما علم بهذا ابن تاشفين بعث إلى المشرق يستفتى علماء المسلمين مثل الشيخ أبى حامد الغزالى وأبا بكر الطرطوشى فى ملوك الطوائف كما أرسل إلى الخليفة فى بغداد وجاء له الرد بإنه لابد ان يخلّص الأندلس من ملوك الطوائف، وعبر يوسف للمرة الثالثة الأندلس وسقط ملوك الطوائف واحدًا تلو الأخر وأصبحت الأندلس موحدة تحت حكم المرابطين.

عبوره الرابع إلى الأندلس

عاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب ثم عبر مرة أخرى الأندلس بعد استرداد المرابطين مدينة بلنسية بعام وذلك فى عام 496 هـ 1103 م وقام بتنظيم شؤون الأندلس.

وفاته رحمه الله

توفى يوسف بن تاشفين فى بيته بمراكش يوم الأثنين الثالث من محرم سنة 500 هـ الموافق سبتمبر سنة 1106 م

وقد بلغ من العمر نحو مائة عام وبعد حياة طويلة وحكم حافل بجلائل الأعمال

كان يبلغ من العمر السابعة والسبعون عاماً فى موقعة الزلّاقة رحمه الله.

ويكفي شهادة ابن الأثير لذلك الرجل حين قال عنه: "وكان حسن السيرة خيرًّا عادلاً، يميل إلى أهل الدين والعلم ويكرمهم، ويصدر عن رأيهم.

Aucun commentaire

Fourni par Blogger.