منبر مسجد الكتبية بمراكش
جامع الكتبية هو من المعالم الراسخة في تاريخ المغرب, يتوسط الجامع مدينة مراكش, و يقع بالقربساحة جامع الفنا الشهيرة, و تسمية الجامع مشتقة من "الكتبيين" و هو سوق الكتب الذي كان بمحاذاة الجامع.
اشتهر الجامع بمنارته العالية كما اشتهر بمنبره الخشبي الذي يعتبر آية في فن صناعة الخشب.
المنبر صنع في قرطبة بالأندلس, ويذكر صاحب الحلل الموشية أن عبد المؤمن بن على نقل إلى جامع الكتبية منبرًا عظيمًا كان قد صنعه بالأندلس فى غاية الإتقان صنع من العود وصندل أحمر وأصفر، وصفائحه من الذهب والفضّة، وأقام للمسجد مقصورة من الخشب وقام بصنع المنبر والمقصورة الحاج يعيش المالقى (9) ونستدل على أن هذا المنبر صنع بقرطبة من نقش كتابى كتب فيه "صنع بمدينة قرطبة حرسها الله".
يظهر منبر مسجد الكتبية بمراكش على شكل درج مثلث. تم إنجاز هذا المنبر بقرطبة ابتداءا من عام 1137 م، تبعا لأمر علي بن يوسف (1106-1142م) آخر السلاطين المرابطين، حسب نقيشة المسند. يتكون هذا الصرح من قطع قابلة للتفكيك، ورفع فوق عجلات صغيرة، مما يسمح بإخراجه يوم الجمعة بواسطة طريقة آلية.
يتكون المنبر كله من ترصيعات من مختلف أنواع الخشب والعظم، متبعا في ذلك تقنية تعود إلى الفترة القديمة والتي مورست في الإسلام منذ الفترة الأموية (661-750)، واستمر استعمالها لمدة طويلة، وعلى الخصوص بالمغرب . يشتمل على مجموعة من اللوحات الخشبية المنقوشة بدورها، بتقنية تقترب من نقش اللوحات العاجية الأسبانية لنفس الفترة.
كل اللوحات مختلفة، وإذا كانت أغلبها تحمل عناصر نباتية، فإنها في بعض الحالات تسجل داخل عُقيدات متعددة الفصوص. وما دام أن المنبر كان مخصصا لفضاء ديني، فإن زخرفته تبقى مخروطية. فالألواح المنقوشة مسطرة بواسطة أشرطة ترصيعات تخلق عناصر هندسية معقدة ومنظمة، حول نجمة ثمانية الرؤوس. هذا العنصر كثير الاستعمال في الفنون الإسلامية، ويوجد في كل من التربيع الخزفي، وفي فن الكتاب أو كذلك في النسيج، بل أيضا في تحف غربية ذات تأثير ثقافي شرقي.
تزخرف المنبر أنواع كثيرة من الأقواس. ترتفع من جهتي الدرج الأخير والأول أقواس من بينها العقد الكامل الذي يتناسق مع الآخر الذي يزخرف دعامة الدرج. غالبا ما اعتبرت هذه الأقواس كزخارف نموذجية للغرب الإسلامي.
وخلال تسعينيات القرن الماضي، قررت وزارة الثقافة المغربية ترميم هذا المنبر بالولايات المتحدة الأمريكية بشراكة مع «الميتروبوليتان ميوزم»، وكانت عملية ترميم دقيقة استوجبت تدخل فناني صنعة تطعيم الخشب المغاربة وأخصائيي الترميم الأمريكيين، أعيد بعدها المنبر إلى مدينة مراكش حيث يعرض حالياً بإحدى قاعات قصر البديع وسط عاصمة المرابطين.
أضف تعليق